المبحث الأول: مدينة الجزائر خلال الحكم العثماني.
كانت مدينة الجزائر أيام الاحتلال الروماني تعرف باسم "ايكسيوم" ثم خرجت أثناء هجمات الوندال وثورات البربر وأصبحت مقرا لقبيلة بربرية تدعى "بني مزغنة" وفي القرن العاشر ميلادي، الرابع هجري أسس بلكين بن زيري بن مناد الصنهاجي مدينة لقبها "بجزائر بني مزغنة".
وأخذ نمو الجزائر يتزايد إلى أن هاجمت القبائل العربية سهول متيجة فاستولت قبيلة الثعالبة على جزائر بني مزغنة وسكنتها، ولما وضعت الدولة الزيانية تكالب الإسبان على سواحل إفريقيا واحتلوا الجزائر وأسسوا حصنا على إحدى صخورها "البينون" .
ونتيجة للضغوطات الإنسانية على سكان الجزائر استنجدوها بالأخوين عروج وخير الدين بربروس للتخلص من الخطر الاسباني المحدق بهم، لأنهم على علم بعدم قدرتهم على مواجهة الجيوش المسيحية، وذلك بسبب ضعفهم وصراعاتهم الداخلية . وعندما نجح عروج في القضاء على شيخ المدينة سالم التومي ونصب نفسه حاكما عليها، حرض الإسبان أنصاره للتخلص من عروج وأتباعه، وشنوا بدورهم حملة عليهم 1516م باءت بالفشل. وحملة أخرى في 1518 نجحت في القضاء عليه، كما وجهوا حملة جديدة على مدينة الجزائر سنة 1519 للقضاء على خير الدين ورفاقه باءت هي الأخرى بالفشل. قام أهل الجزائر في أثرها بتحريض من خير الدين بطلب الحماية من السلطان العثماني في مقابل الانطواء تحت لواء الدولة العثمانية وهو ما لقي القبول عنده، وقام بمساعدة الجزائر بألفي من الجند الانكشاري وبمثلها من المتطوعين وتعيين خير الدين بايلربايا على الجزائر وذلك أواخر 1519م .
قد اتخذ خير الدين مدينة الجزائر عاصمة له، وفي عهده وعهد خلفائه اتخذت مركزا منبعا، تحطمت أمامه كل الهجومات الاسبانية وغيرها، حتى أطلق عليها المدينة التي تقهر، أو المدينة المحروسة، ودار الجهاد، ودار السلطان ولم تنجح سوى الحملة الفرنسية في سنة 1830م في احتلالها .
أولا: موقع مدينة الجزائر.
تقع مدينة الجزائر بين خطي عرض 36.46 شمالا وخط طول 3.3 شرقا، وبالتالي تقع في إقليم وسط البلاد، جناحها الغربي الإقليم الوهراني، وجناحها الشرقي الإقليم القسنطيني .وهي مدينة بحرية مبنية على شاطئ البحر على قاعدة واسعة نسبيا في شكل نصف دائرة على هضبة سريعة الانحدار .
ويمتد إقليم مدينة الجزائر من دلس شرقا، إلا تنس غربا، ومن ساحل البحر شمالا، إلى سفوح الأطلس البلدي جنوبا، وتضم إقليمي الساحل ومتيجة مع بعض الامتدادات في بلاد القبائل والتيطري . وقد تحولت من مرسى صغير، يلجأ إليه الصيادون ويؤوى إليه المسافرون كمحطة ثانوية عند هبوب العواصف إلى مرسى كبير يستقبل مختلف السفن والبضائع، ويقصده التجار من الداخل والخارج.
كما تحولت من قرية مجهولة وعرة المسالك معلقة على صدر الجبل، إلى عاصمة البلاد، كثيرة العمران وافرة السكان .
وقد كان للمدينة خمسة أبواب هي: