خامساً بإيجاز : الصحبة الصالحة : الصحبة الصالحة من أعظم أسباب الهداية أن تصحب رجلا يذكرك بالله ، وأن تبتعد عن رجل يحول بينك وبين معرفة الله: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً{27} يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً{28} لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولاً} [ الفرقان / 27-29] لذا قال الحبيب r: ((لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي )) ([5]).
وقال r: ((مثل الجليس الصالح والجليس السوء ، كحامل المسك ونافخ الكير))([6]).
عقارب الساعة تطاردنا وأنا لا أريد أن أشق على إخواني خارج بيت الله – جل وعلا – ومازالت عناصر ونقاط الموضوع بين يدي كثيرة ، لكن أكتفي بهذا القدر ، والله أسأل أن ينفعنا بما سمعنا وبما قلنا وأن يرزقنا الهدى والعفاف والغنى ، إنه ولي ذلك والقادر عليه وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم .
الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي المتقين ، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين .
أما بعد :
فيا أيها الأحبة الكرام : من أعظم أسباب الهداية أيضا المجاهدة :
قال تعالى:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت/69] والمجاهدة للنفس أربع مراتب :
المرتبة الأولى : مجاهدة النفس على تعلم الحق ، والهدى .
المرتبة الثانية : مجاهدة النفس على العمل بما تعلمت .
المرتبة الثالثة : مجاهدة النفس على الدعوة إلى الحق والهدى .
المرتبة الرابعة : مجاهدة النفس على الصبر على الأذى والبلاء .
فمن تعلم وعمل وعَلْم لابد أن يتعرض للأذى من المنافقين والظالمين . قال تعالى : {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ الْمُجْرِمِينَ} [ الفرقان /31] . وقال تعالى : {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ{2} وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [ العنكبوت /3،2] .
ثالثا : بإيجاز شديد لأكمل الموضوع ولو في عجالة علامات الهداية :
وأول علامة من علامات الهداية : تحقيق الإيمان :
فمن آمن بالله ووحد الله فقد هداه الله – سبحانه – وهذه أعظم علامات هداية الله له . بإيجاز شديد من أعظم علامات الهداية أن تحافظ على الصلوات .
ثالثا: من أعظم علامات الهداية السمع والطاعة لله ورسوله: قال تعالى: { فَبَشِّرْ عِبَادِ{17} الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ } [ الزمر / 18،17] .
وقال في شأن طاعة رسوله r :{إِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [ النور/54] فطاعة الله وطاعة رسول الله من أعظم علامات الهداية إن كنت ممن أطاع الله وأطاع رسوله r .
رابعا : من علامات الهداية الدعوة إلى الله – عز وجل : على قدر استطاعتك بأي وسيلة من الوسائل ، والأمر بالمعروف بمعروف ، والنهي عن المنكر بغير منكر .
كذلك من علامات الهداية : الصحبة الطيبة والبعد عن صحبة السوء من علامات الهداية المحافظة على الأمر والنهي .
من علامات الهداية : أن يكون سمتك وهديك ودلك موافقا لسمت وهدي ودل رسول الله r مع نية صادقة وعمل صالح ، وإلا فإن المظهر وحده لا يكفي مع سوء وفساد الطوية وبعد عن العمل الصالح لا يكفي هذا المظهر على الإطلاق .
لذا روى الإمام أحمد في مسنده وغيره بسند صحيح ، بشواهده أن النبي r قال: ((خير عباد الله الذين إذا رؤوا ذكر الله))(1).
هناك مسلم إذا مشي في طريق ورآه الناس ذكروا الله ، تذكروا الله بسمته بهيبته ، ولاحظ أن الهيبة لست كبرا ، فقد يتصور بعض طلابنا ، أنه من أجل أن يُحَصْل الهيبة عند الناس يتصور أنه لابد من أن يتقعر ، ولابد من أن يعبث بجبينه ، ولابد من أن يتكلم بصوت أجش ، لا ، لا اسمع لأبن الجوزي – رحمه الله تعالى – إذ يقول : هيبة الناس لك لا تكون إلا على قدر هيبتك أنت من الله ، فمن الناس من يُرى فيذكر الله .
من علامات الهداية : حب الناس لك وثناء الناس عليك :
ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي r قال: ((إذا أحب الله عبدا نادى جبريل يا جبريل إني أحب فلانا)) .. يا الله !! تصور أن يذكر اسمك ملك الملوك الله، يذكر اسمك لجبريل ، وجبريل يذكر اسمك في الملأ الأعلى ((يا جبريل إني أحب فلانا فأحبه ، فيحبه جبريل فينادي جبريل في أهل السماء: يا أهل السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه ، فيحبه أهل السماء ، ثم ينادي جبريل في أهل الأرض: يا أهل الأرض إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل الأرض أو فيوضع له القبول في الأرض))([7])